لست
أقبل فكرة حل الأحزاب، أو العودة لنظام الحزب الواحد، كما أرفض أن تلاحق
رموز المعارضة بسبب اختلافها السياسي مع النظام. هذه مقدمة أراها ضرورية
حتى لا يساء فهمي. لكن ما اتخذته الأن المعارضة من وسائل وأساليب ؛ دفعني
لأن انصحها لتصحيح المسار.
ما أعلمه أن للمعارضة دور لا يقل في أهميته عن دور السلطة، وأزعم أن تصحيح هذا الدور هو جزئ من بناء الدولة الصحيح.
لكن هل قامت المعارضة بدورها فعلا ، هنا تكمن الأزمة في تصوري.
المعارضة
يجب أن تنشغل بالحركة في الشارع، بهدف نشر أيدلوجية كل فصيل سياسي بين
الناس، من خلال الندوات والمؤتمرات والفعاليات المختلفة، ثم يبدأ بعدها
مرحلة اصطفاء الكوادر وتكوين القيادات ، وتأسيس المقارات وإنشاء وسائل
التثقيف المجتمعي كالصحف والقنوات.
و
بناء الكوادر يفترض به أن يزيد مستوى الوعي الجماهيري بفكر كل فصيل
وأهدافه، كما يفترض به أن يوسع دائرة التواصله المجتمعي ، وهذا هو السبيل
للفوز في أي انتخابات قادمة.
لكن ما أنا منه على يقين، أني لم أر أي فصيل سياسي من المعارضة قد فعل هذا فعليا بالشكل المطلوب المرضي.
لكن
ما فعلته المعارضة أنها كونت كيانات غير مؤتلفه في الأساس على أساس فكري
بقدر ما أللفها العداء للسلطة، وأن جل فعالياتها لم تهدف لنشر أيدلوجية ما ،
بقدر ما استهدفت تشوية الكيانات الأخرى. وأنها توسلت في هذا السبيل وسائل
أقل ما توصف به أنها رجعية لا تمت للعمل السياسي بحال. بل أن بعضها يمكن
وصفه بالجريمة الأخلاقية والوطنية التي سوف يجني الوطن ثمارها علقم لعقود.
فقد
كرست الحقد السياسي، وأعطت غطاء سياسيا للعنف، وشوهت الأفكار ، وروجت
الأكاذيب، وشوهت الوعي وهذا أخطر ذلاتها ، حيث أن هذا الجيل من الشباب
الثوري المحب لوطنه قد ناله من تشوية الأفكار ما سيجعله يظن أن العمل
السياسي يقتضي الحقد ويستبيح الكذب، ويتوسل سلاح ترويج الشائعات، ويرتضي
الملتوف ويقبل الحرق وإسالة الدماء مسارا. أي أننا نزرع الألغام في ربوع
القادم.
فحين
تصف المعارضة المتهم الذي يحقق معه بالمعتقل، أو تصف من صدرت ضده أحكام
قضائية بالثائر فهذا قمة الكارثة ، حيث تضيع الخطوط الفاصلة لمعالم دولة
العدل.
وحين تشيع المعارضة على من اعتقلهم النظام السابق أنهم مجرمون فهذا يهدر رصيد احترام رموز الكفاح الوطني الذي قدم للثورة.
وحين تستخدم كلمات مثل "الإخوان احتلوا مصر" في مناخ الاختلاف السياسي فهذا يكرس للحقد وللحرب الأهلية .
وحين توصف قيادة الدولة بالمستبدة بلا قرينة فهذا يعودنا على سهولة المتاجرة بالكلمات.
وحين
نكرس للحرب على الهوية ، وتنابذ المتنافسي في المعترك السياسي بالألفاظ
مثل مقولة "خرفان" وغيرها فهذا يخرجنا من دائرة النقاش في الأفكار لدائرة
الصراع على الهوية .
وحين يدعي أحدهم أن "مصر انقسمت لإخوان ومصريين" فهذه جريمة تكرس للفرقة والشقاق.
وحين تصر المعارضة على تسفيه كل ما تفرزه الصناديق فهذا إهانة لمفهوم الإرادة الشعبية.
وحين يوصف دستور استفتي عليه الشعب بالبغيض ، فهذا يعني أن النخب المعارضة تصر على فرض وصاية مكذوبة على الشعب.
وحين تتكئ المعارضة على فكرة التشكيك في نزاهة كل عملية انتخابية شهدتها مصر ، فهذا يكرس لنفور المواطن المصري وتشككه من الصناديق.
لست
هنا بصدد الدفاع عن الانتخابات أو الدستور أو الحكومة أو الرئيس أو حتى
السجناء . لكن ما يحركني فعلا هو الدفاع عن وعي الجيل القادم. ومراقبة كل
ما قد يتسرب لهذا الجيل من أفكار مغلوطة قد تنعكس سلبا على بيئة العمل
الحزبي والسياسي لعقود، وقد تتسبب في ردة حضارية حين يضيق بها صدر السلطة،
أن حتى تتخذها زريعة لضرب مسار التحول الديموقراطي ، ووقتها سيكون لديها ما
يبرر هذا، ولديها أيضا دعما وقبولا جماهيريا من الشعب الذي يرصد ممارسات
المعارضة المعيبة على الأرض، ويستشعر الضيق من هذه الحالة المرتبكة.
|
الأربعاء، 31 يوليو 2013
هل أجرمت المعارضة في مصر؟
الاثنين، 1 يوليو 2013
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)