الخميس، 5 يوليو 2012

جوبلز وعكاشة وأزمة التنين


"جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر وألمانيا النازية، وأحد أبرز أفراد حكومة هتلر لقدراته الخطابية. انضم غوبلز للحزب النازي.  كان من المعارضين لعضوية هتلر في الحزب عندما تقدم الأخير بطلب للعضوية إلا أنه غيّر وجهة نظره تجاه هتلر فيما بعد وأصبح من أنصاره بل وأحد موظفيه. لعب غوبلز دوراً مهماً في ترويج الفكر النازي لدى الشعب الألماني بطريقة ذكية. وقبيل إقدامه على الانتحار في الفصل الأخير من الحرب العالمية الثانية عينه هتلر ليكون مستشار ألمانيا كما اتّضح في وصية هتلر الخطيّة إلا أن الحلفاء لم يعترفوا بوصيته بعد سقوط الرايخ الثالث.
هو الذي قال: «كلما سمعت كلمة مثقف أو ثقافة تحسست مسدسى» وربما لو كان يعيش في عصرنا هذا ما قالها، إنه صاحب آلة الدعاية النازية والذي صور أدولف هتلر للألمانيين على أنه المنقذ لألمانيا.
جوزيف جوبلز (وزير الدعاية النازي) ورفيق أدولف هتلر حتى الدقائق الأخيرة من حياته يعتبر إحدى الأساطير في مجال الحرب النفسية، وهو أحد أبرز من وظفوا واستثمروا وسائل الإعلام في هذه الحرب وهو صاحب شعار شهير يقول: «اكذب حتى يصدقك الناس» و كان صاحب الكذب الممنهج والمبرمج يعتمد الترويج لمنهج النازية وتطلعاتها.
ويهدف لتحطيم الخصوم من الجانب الآخر وقد أكدت ظاهرة جوبلز هذه أن الذي يملك وسائل الإعلام يملك القول الفصل في الحروب الباردة والساخنة. وهذا ما ينتهجه الصهاينة أيضا.
و«جوزيف جوبلز» بناءً على ذلك هو مؤسس فن الدعاية السياسية بلونها الرمادي.
واستطاع حينما كان يروج للفكر النازي بقوة أن يسوق في ركابه عشرات الملايين من الألمان، ورغم العداء الغربي للنازية، إلا أن جوبلز يعد مؤسس مدرسة إعلامية مستقلة بذاتها وقد لجأ إليها آخرون من بعده مثل الأمريكان والإسرائيليين رغم استغنائهم عن منصب وزير الإعلام." هذا بعض ما ذكرته ويكيبيديا عن جوبلز رأيت أن أضعه مقدمة لمَا اريد طرحه الأن لأنه سيكفيني الكثير من الكلام .
فمن يتابع إعلامنا في مصر بعد الثورة يعلم أنه سلعة لا ترضي طموح الربيع العربي بكل المقاييس، ويكفي ظاهرة مثل ظاهرة توفيق عكاشة للتدليل على هذا العوار الإعلامي.
إلا أني أذكر أن جوبلز قد استفاد من مناخ الحرب العالمية الثانية وما وفرته من سيولة في الحالة القانونية ، والدعم الغير محدود من قبل السلطة النازية في وقته، والشغف السياسي لدي جمهور المتلقين لتلقف أخبار الجبهة في وقت الحرب، ليصنع من نفسه أسطورة إعلامية مازالت تفرض نفسها على كل الدراسات التي تبحث في نظريات الإعلام؛ لمَ صنعه من حالة إعلامية نجحت وقتها في أن تكون من أهم أسباب نجاح هتلر في تحقيق أنتصارات على الأرض في بداية الحرب.
وحين نحاول أن نجرى مقارنة بين ملابسات حالة جوبلز وما نجده اليوم من حالة مثل عكاشة  رغم اختلافي معه ورفضي له ، فيجب أن نقر أن الربيع العربي أفرز ظروف شديدة الشبه من حيث حالة السيولة القانونية والأمنية ، وحالة من الشغف لمتابعة الخبر والتحليل السياسيي، وهي عوامل كان لها دورها الأساسي في دعم ظهوره كحالة إعلامية تستحق الدراسة .
لكن هناك أزمة حقيقة في المقارنة، وهي الإجابة عن مصدر السلطة الداعمة في الحالة العكاشية، ففي حالة جوبلز استفادت الظاهرة من دعم حزب نازي قمعي معروف عنه تصفية معارضيه، في ظل حالة حرب وأحكام عرفية، وزعيم كان له دعم شعبي كبير في بداية الحرب. أما في حالة توفيق عكاشة فالتساؤل عن مصدر الدعم والقوة يفرض أزمة حادة فعلا.
الأزمة هنا ليست في تصور مصدر القوة ؛ فهو أمر لا يحتاج عناء للوصول إليه، معروف أن مصدر هذه القوة هو قوى الثورة المضادة ( بقايا النظام السابق من العسكر والشرطة وأصحاب المصالح والمتضررين من التغيير ) لكن الأزمة في الواقع تكمن في حساب قوة هذا المعسكر بعد أكثر من عام ونصف من إسقاط مبارك ونظامه، وتكرار فشل هذا المعسكر المتكرر في اختراق الثورة أو الإلتفاف عليها المتمثل في فشل إدخال الفلول في البرلمان أو إيصالهم للرئاسة. وأتصور أن هذه المعرك تذكرني بالأساطير الكنفشيسية القديمة في حروب الخير مع تنين له أكثر من رأس، وكلما قطع فارس الخير رأس تناقصت قوة التنين ، إلا أني ارى أن التنين مازالت له مصادر قوة قادرة على إغراء أمثال عكاشة بالمحاولة مع وعده بالحماية بالقدر الذي يعطيه الثقة ليحارب وظهرة مسنود.
وهنا يجب أن نعلم أن انكشاف مصادر الحماية هذه، وتحجيم قدرتها على بذل الدعم. هو مفتاح حل الأزمة في الواقع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق