الثورة الأولى والثانية أخطاء ومراجعات
مر اليوم أكثر من عام على ثورتنا التي قامت في 25 يناير 2011. ومن الواضح
الآن أن الثورة تكاد تفقد كل منجز حققته في مسار البناء الديموقراطي والتحول لدولة
حديثة تعلي من قيمة الحرية والعدالة الإنسانية والإرادة الشعبية ، وهذا بعد إعلان
المستشار بجاتوا عن خلل في قانون انتخابات مجلس الشعب والشورى بما يهدد المنجز
الوحيد الذي حققته الثورة حتى الآن ، كما أن الملاحظات التي تحفظت بها الكثير من
القيادات القانونية والدستورية والحزبية والسياسية على قرارات اللجنة العليا
لانتخابات الرئاسة صنعت مناخا ملوثا يغطي هذة الانتخابات فضلا على الفقرات المحصنة
في البيان الدستوري لقرارات هذه اللجنة ، وإذا أضفنا إلى هذا الإبهام في الفقرة 60
التي صنع لبثا مقيتا على تشكيل لجنة الدستور وما تبع ذلك من حكم قضائي لا أجده
خاليا هو الأخر من مطاعن في نزاهته .
وبناء على ما سبق نجد أننا أمام واقع صفري فلا البرلمان ولا مجلس الشورى قد
نجيا من الأزمة ولا الرئاسة ولا الدستور .
نحن هنا بصدد المراجعات الواجبة التي تهدف لإعادة مسار الثورة لمسار البناء
، مع تلافي الاختناقات التي مرت بها الثورة الأولى.
وهنا يجب مناقشة عدة أمور أولا ، وحسمها بين القوى الساسية الثورية
الموجودة على الأرض ، وأعتقد أن عام مضى كانت فترة كافية لحراك تكسير الأصابع
وحملات التشوية التي ساهمت في شيطنة الثورة لصالح إعادة ولادة النظام السابق على
أنقاض الجميع. فيجب على كل من يعلي قيمة الوطن ويعلي من قيمة مطالب الثورة أن
يستعيد روح الميدان ويجلس على مائدة المراجعات بقلب مفتوح على فكرة قبول الآخر والاختلاف
النزيه.
أولا ، يجب أن تراجع الثورة موقفها من فكرة غياب القائد ، فهي وإن حاول
البعض تبريرها بل وجعلها مثالية ثورية في الحقيقة لم تكن هدفا مقصودا بل أن الثورة
نفسها لم تكن هدفا متصورا يوم 25 يناير ولكن كانت وليدة تطور الأحداث الذي خلق
مناخ الثورة .
ثانيا يجب أن تراجع الثورة موقفها من السلطة القضائية ويجب أن تتحرك
الدستورية الثورة في مسار إعادة هيكلة المؤسسة القضائية برمتها و ذلك يإسقاط
الحصانة القانونية عن مؤسسة القضاء والنيابة العامة لحين أنتهاء الهيكلة والتطهير
ثم بعدها تستعيد الهيئة القضائية حصانتها بعد أن تنالها عن استحقاق.
ثالثا – مناقشة وضع المؤسسة العسكرة بعد الانتقال الكامل للسلطة لسلطة
مدنية . بما يسمح بفتح كل الملفات الحساسة مثل الامتيازات والحصانة وحتى البدلات
المادية ، مع التأكيد على مهنية المؤسسة العسكرة وعدم تسيسها بأي شكل أو السماح
للمؤسسة العسكرة بممارسة أي شكل من تنظيم الحراك السياسي في البلد مع وضع الضوابط
التي تسمح فقط للجيش بحماية الدستور.
رابعا ، تشكيل مجلس مدني يتولى إدارة مهام الرئاسة مع ضمان كامل الولاء له
من قبل المؤسسة العسكرة والأمنية من خلال ميثاق ثوري يكون له مصداقية البيان
الدستوري وتوقع عليه كل القوى الثورية .