دراسة في أيدلوجية الثورة
الثورة تحتاج لكي نسميها ثورة إلى ثلاث مكونات أساسية هي ( الفكرة أو
الأيدلوجية – والقيادة الفكرية والتنظيمية – والتأييد الشعبي ) وإذا ما أردنا أن
نحلل ثورة 25 يناير سنجد أنها بدأت بمظاهرة محدودة ؛ أي لم يكن خلفها أيدلوجية واضحة أكثر من فكرة
الاعتراض على فساد الداخلية، وأكثر ما كانت تصبو له إقالة وزير الداخلية مثلا ، ثم
تطورت الأحداث نتيجة استعلاء النظام البائد وغبائه وثقل إيقاع خطواته ، فتبلورت
حالة ثورية في الميدان أفرزت أيدلوجية وهي ما أنتج قيادات موضعية أنية و تسببت
لقوتها ونفاذ حجتها إلى ولادة التأييد الشعبي فاكتملت مكونات الثورة .
لكن ما يعنيني هنا وأنا أحاول تقييم ما آلت إليه الحال بعد أقل من 15 شهر،
وأنا أجد أن الثورة كل يوم تفقد الكثير من من أيدوها عند بدايتها فأردت أن أطرح التساؤل
المر ، ماذا فقدت الثورة من أيدلوجيتها لتفقد نفاذ حجتها وقدرتها على اكتساب التأييد
الشعبي لها .
في الحقيقة لو عدنا للبحث عن أيدلوجية الثورة الأولى لوجدناها بسيطة بلا
تعقيد حادة بلا مواربة وهي . الشعب يريد – والشعب خط الأحمر . وهما أهم شعارات
الثورة باختصار تعطي فكرة حادة وناجزة لأيدلوجية عابرة للأيدلوجيات جميعا.
وهذا أهم ما يجب أن نلتفت له في دراسة الثورة فعلا . شعار الشعب يريد
والشعب خط أحمر ولو أردنا أن نفصله فيعني أن الإرادة الشعبية تريد أن تجد لها
طريقا لتستعيد استحقاقها في المساهمة في صناعة الواقع. وهو ما يعني صناعة الدولة
الحديثة التي تعلي من قيمة الإرادة الشعبية ودورها واحترام الكرامة الإنسانية .
لا أجد أي فصيل يختلف مع هذا الطرح . فلا الليبرالي أو اليساري أو الإسلامي
سيعترض على هذا الطرح الذي يحتفي بفكرة إعلاء قيمة الإرادة الشعبية ، لذا فهي
أيدلوجية عابرة للأيدلوجيات والمرجعيات. وهذا في تصوري سر نجاح الثورة الأولى . وهو
أيضا ما فقدته اليوم فتسبب في التلاشي التدريجي لوحدة الصف في الميدان والتأييد
الشعبي .
أعلم أن هناك من سيقول لا لم تفقد الثورة إيمانها بقيمة إعلاء الإرادة
الشعبية. وأعلم أن الأصابع سترتفع من كل فصيل تكيل التهم للفريق الآخر تلقي عليه
بالتبعة ، وأعلم أن الجميع قد يبحث عن شماعة يعلق عليها فشل الحالة الحالية وقد
تكون هذه الشماعة فصيل سياسي مثل التيار الإسلامي مثلا أو الإعلام الفاسد كما
يحاول الكثير من الإسلامين الاستسلام لهذه الفكرة ، وقد يتهم البعض المجلس العسكري
هذه المسئولية ، والبعض قد يرميها على كتف الشعب الغبي المتخازل.
أنا لا أنكر كل ما سبق من تحديات ومعوقات لكن لا أجدها أسباب، وهذا ما قد
يبدوا مدهشا لكن لي أسبابي .
وأسبابي أيضا لها نفس الطبيعة الحادة والناجزة كأيدلوجية الثورة الأولى ،
وهي ببساطة شديدة أنها جميعا تحديات واجهتها الثورة الأولى بشكل أشد قوة ولكن
الثورة تغلبت عليها بشكل ناجز وحاد.
.........................................................................................
فلا ينكر أحد أن النظام السياسي السابق كان أكثر تحكما في الإعلام فكان
إعلامه أشد تركيزا وفسادا من هذا الإعلام الحالي الذي يعاني قدر كبير من السيولة
رغم فساده ، والحرية المتوفرة لدي الكثير من المنابر الإعلامية ، وتوفر قنوات
ناطقة بحرية باسم كل فريق تقريبا.
كما أن المجلس العسكري وما يملك من أدوات ومخابرات وبلطجية لو سلمنا بها
كواقع يمكن إلصاقه بالمجلس العسكري. ليس أكثر استحكاما من النظام الذي أسقطته
الثورة في أيام معدودات.
وأخيرا نأتي على الحجة الثالثة وهي اختلاف الفصائل . فلا يستطيع أحد أن
ينكر أن هذا التنوع و الاختلاف كان موجود بشكل أكثر تنوعا في الميدان يوم نجاح
الثورة ولكن لم يوجد الصراع. بل كانت شعارات الأيد الواحدة تسبق كل فصيلين. الجيش
والشعب أيد واحدة . مسلم ومسيحي أيد واحدة .
إذن دعونا نعترف أن كل ما سبق من تحديات هزمتها الثورة الأولى لكن هناك ضعف
أصاب الثورة وفكرتها الحادة فجعل هذه الأعراض والتحديات تعاود الظهور بشكل مؤثر لم
يكن من قبل.
و هذا ما حاولت البحث فيه ونكمل في المقال القادم مسارنا في البحث عن
أيدلوجية ثورية ناجزة وحادة نستعيد بها الزخم الثوري الضائع
بقلم حازم كيوان
أصبت يا دكتور بجد وكلامك دل على حاجات كتير فعلا احنا فقدنا الإيمان او العقيدة (الإيدولوجية) اللى كلنا لازم نتلم تحتها ومش نعلق كل ما يمر بنا على شماعات كانت موجودة بصلابة وشراسة فى الثورة الأولى
ردحذفاحنا فقدنا اننا نصدق بعض بجد
انا نفسى المقال ده يوصل لكل الناس عشان بجد نعرف ان العيب اصبح فينا ب الكلية
وبجد يا دكتور رغم اختلافى مع حضرتك فى توجههات معينه لكن بجد انا بتعلم من حضرتك حاجات كتير اوى بفخر بنفسها لما احس انى فهمت حاجات زى ديه شكرا لحضرت
شرفني حضورك الراقي يا هندسة ويسعدني دائما أن نجد من الأرضية المشتركة ما يسعنا للوقوف عليها جميعا والعمل المنتج مع احترامي لهذا الاختلاف بيننا فهو اختلاف ثراء
حذف