إنقلاب
العسكري - الأزمة والحل
لدي
أيمان أن أفضل طريق لحل أي مشكلة أن نحللها بقواعد حل الأزمات والمشكلات المعروفة،
وهذا يدعوني لأن أدعوا الجميع أن نفكر عشر ساعات لنتحرك وننجز الحل في 10 دقائق ،
وللأسف هذا ما لا يحدث كثيرا؛ فعادة ما ندخل
في خطوات متناقضة، وغير مدروسة، لحلول مشتبكة؛ فيطول الحل؛ وتزداد الأزمة
اشتباكا؛ لتلد أزمات؛ وندخل الدائرة المفرغة؛ لنمارس التيه؛ الذي يستغله فريق
الثورة المضادة في استنفاذ الجهد.
خطوات
الحل أن نحدد الوضع المثالي المراد الوصول إليه، ثم نحدد حجم انحراف الواقع عن هذا
المستهدف؛ لنعرف المشكلة وحجمها ، ثم نحدد أسباب هذا الانحراف والمسؤول عنه ، ثم
نرسم خطة الحل ، ثم نحدد مسؤلية كل طرف له علاقة بالحل ، وبرنامج العمل الزمني ،
ثم ربنامج المتابعة والأليات ، مع رسم شكل يماثل نماذج إدارة الإنتاج يوفر أليات
الفيدباك بين مراحل الحل والتنفيذ والمتابعة.
وبناء
على ما تقدم نبدأ بإذن الله
1.
المستهدف : إنشاء دولة حديثة، تتوافق كل شرائحها بتراضي، تحت ظل نظام ديموقراطي
مدني له مرجعية تكون محل توافق بين فصائله ولا تقصي الدين ، يكون فيها الجيش وباقي
المؤسسات خاضعة لسلطة الدولة، في ظل دستور حديث مدني .
2.الواقع
: دولة غير مكتملة الأركان، ( برلمان مهدد – سلطة تنفيذية غير مكتملة ( رئيس
وحكومة ) – سلطة قضائية غيرمرضي عنها جماهيريا )
مجلس
عسكري يحاول أن يجمع في يده كل السلطات مع تهميش باقي أشكال البناء الدستوري
للدولة.
سلطة
قضائية مشكوك في تبنيها لمبادئ الثورة. ومطلوب شعبيا أن تمارس التطهير الذاتي بشكل
يعيدها لصف الإرادة الشعبية.
فراغ
دستوري ومحاولة العسكري التدخل في كتابة الدستور، وتعطيل كتابته وتعطيل البرلمان.
قوى
سياسية لا تجيد صناعة التوافق، ولا تجيد مناقشة الأفكار بشكل ينتج تماسك منتج، إلا
تحت ضغط؛ وهذا ما يجعلنا نتشكك في قدرتها على التواصل في الظروف العادية.
3.الأسباب
: وهي كثيرة ومتعددة لن أستطيع أن أحصيها، فهذا يفترض به أن يقوم به الجميع في ظل
نقاش هادئ ومنتج ويبحث عن أرض المتفق عليه. لكن هذا ما يحضرني من أسباب يمكن أن
نجعلها نواة لنعيد تطويرها والبناء عليها من خلال النقاش.
أ0مخاوف
الجيش المتولدة من صدامات الفترة الماضية، مع الخوف من فقد السلطة بشكل مفاجئ ، مع
محاولة التعلل بالحفاظ على شكل ومدنية الدولة ، وأهداف الثورة.
ب. حالة
عدم التوافق بين القوى الثورية؛ التي تجعل تبادل التهم أول مؤشرات الاختلاف في
الأولويات. مع حالة من المخاوف المتبادلة وضعف الثقة .
ج. اختلاف
بَيِّن في إيقاع وسرعة حركة وحيوية القوى الثورية الشابة والإخوان والتيارات
اللبرالية والجيش، في ظل غياب قدرة الجميع على حسن الاستماع.
ورغم
أني أجد كل هذه الأسباب مجتمعة يمكن تجاوزها بالتفاوض المرن والحوار المنتج، إلا
أني أجد المشكلة الأساسة ضعف إمكانية إيجاد هذا المناخ التفاوضي الذي يتسم
بالمرونة والإنتاجية .
4.
العلاج أو الحل :
أ. نحتاج
استحضار ثوابت أساسية منها إعلاء قيمة الإرادة الشعبية، التي تعطي الشرعية للقوى
السياسية وليس العكس.
ب.
نحتاج أن نؤكد على مفهوم التنازل الهادف للتراضي، مع إعلاء قيم احترام قيمة اختلاف
التصورات التي تثري المشهد، واعتبار هذا الاختلاف أمر لا يسوغ الاختلاف الصراعي أو
الإقصاء.
ج.
الوضوح في طرح الأفكار مع تجنب تحويل المشهد التفاوضي لجزر تتبادل الاتهامات
والمخاوف. أو لعبة لتكسر الأصابع.
د.
البحث عن الممكن والمتاح من التطمينات لدى كل فريق تجاه الفصائل الأخرى من خلال
مناح التصارح الهادف لتدعيم أرضية واحدة مشتركة وصلبة في نفس الوقت.
هـ .
يحسن فتح نوافذ للمشاركة الجماهيرية لدعم استطلاع اتجاهات الإرادة الشعبية، وإجبار
كل الفصائل المتفاوضة أن لا تغالي في المطالب التعجيزية لأنها تدرك حجم وأهمية
المراقبة الشعبية.
و.
بعض القوى الثورية أو الطوائف أو المؤسسات قد ابتعدت عن روح الثورة لكن هذا لا
يعطي مسوغا لإقصائها بل يجب إن أمكن محاولة
إعادة إعطائها الفرصة للعودة من جديد لروح الثورة بحثا عن أكبر قدر من التوافق .
س.
التفاوض والتفاوض والتفاوض بهدف التوافق والتراضي والتماسك الهادف لتوحيد
الأولويات، وإعادة المجلس العسكري والضغط عليه بشكل غير صدامي للوفاء بمقتضيات نقل
السلطة بشكل يدعم بناء هيكل الدولة والتعجيل فيه .
5.
التنفيذ : من الواضح أن المسئولية الأساسية تقع على القوى الثورية والسياسية
والطوائف الوطنية في خلق مناج التوافق والتماسك الذي سوف يعزز موقفهم التفاوضي مع
المجلس العسكري، والذي سيفوت الفرصة على الخصوم في بث روح التخوين بين الفصائل،
والذي سيمنع اختلاف إيقاع وسرعة الفصائل من أن ينفرد فريق أو يسبق الباقي حتى لا
يعطي مجال لخلافات سابقة أتصور أن الاختلاف في السرعات كان هو سببها الأساسي؛ مما
خلق مناخ يسمح بسوء الظن.
6. المتابعة:
أتصور
ستكون مسئولية يجب أن يضطلع بها ثلاث جهات أساسية .
أ.فريق
يضم ممثل عن كل فريق سياسي يكون له قدرة عالية على التوفق بحيث نشكل ما يشبة
المجلس الذي يراقب مسارت التفاوض ويكون له حق التوجيه من الخارج لمائدة التفاوض
ومن الداخل في التنظيم المنتمي له.
ب.
الإرادة الشعبية من خلال استقراء نتائج التفاعل الممثل لمدى قبول الإرادة الشعبية
لمطالب كل فصيل وأسلوبه التفاوضي.
ج.
ممثلين للنخبة الثورية والمفكرين والمثقفين.
7.
البرنامج الزمني للتنفيذ : يفترض به أن يبدأ بأسرع وقت تشكيل مكونات الخطة ( مائدة
الحوار – نوافذ المتابعة – كيان للفيد باك يمارس الاتصال مع كل مكون والتوفيق
وتسريع المسار وحل الأزمات والاختناقات الطارئة. مع تحديد الأولويات وترتيبها
وتسكينها في جداول زمنية .
وأخيرا
أتصور أن هناك بعض الضوابط يجب نمهد بها عند وضع الخطة ، أهمها تحليل محايد لنقاط
القوة والضعف لكل فصل ، وكيفية الاستفادة
من كل نقاط القوى ، مع سد نقاط الضعف، هذا سيقوي صف الفصائل الثورية عند التفاوض
مع المجلس العسكري. ويسيضعنا في تصور صحيح لقوة المجلس .
ضرورة
الخروج من جو الاستقطاب الانتخابي وتناسي سلبيات الماضي ويحسن أن يُعمل كل فصيل
منهج نقد الذات والاعتراف بالأخطاء والاعتذار للأخر بشكل لا يمارس فيه ضغوط من طرف
على الأخر لهدف دفعه لهذا بقدر ما ينشأ هذا المنهج ذاتيا داخل كل فصيل.
تحديد
الهدف ومنع أي مستجدات أن تلفتنا عن الأهداف الأساسية والأولويات المتفق عليها. في
جو يعلي من قيمة مصلحة الوطن ، والتجرد وإعلاء قيمة الإرادة الشعبية ، واحترام
أهداف الثورة السامية.