الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

يوميات مشاغب 2


يوميات مشاغب 2

حين رأيت كثافة العدد؛ وغباء تعامل الأمن المركزي مع المتظاهرين في مظاهرات سليمان خاطر ، شغلني سلاح الأمن مركزي ، فبدأت أقرأ كل ما كتب عنه ( العدد ، التسليح ، التدريب، الظروف المادية ) وهالني أن أعلم أن تعداد سلاح الأمن المركزي يتجاوز 300 ألف مجند، وأن أغلبهم من الأميين أو المتسربين من التعليم الأساس ، وأنهم مسلحون بالهراوات والرشاشات الخفيفة، وأن ظروف التدريب والمعسكرات ظروف غير آدمية بالمرة ، وأن دخل أغلبهم لا يجاوز أصابع اليد الواحدة من الجنيهات شهريا .
وقتها تنبأت للأصدقائي بكارثة قريبه يكون بطل الحدث فيها جنود الأمن المركزي. بل أني تقريبا تصورت سيناريو الكارثة بشكل قريب جدا مما حدث بعدها فعلا.
لم يمر بعدها شهر ونصف الشهر تحديدا في 25 فبراير 1986 م وحدثت انتفاضة الأمن المركزي، التي ثار فيها جنود الأمن المركزي، وكسروا المحال والملاهي في شارع الهوم، وأحرقوها وبدأت تنتشر حالة الغضب، وانضم بعض المدنيين للجنود ، ونزل الجيش واصطدم بالجنود؛ في محاولة لجمع السلاح من الجنود، وانتشرت الموجة في باقي معسكرات الأمن المركزي في القطر مما استدعى مشاركة سلاح الطيران بالهليكوبر وتم قصف بعض المعسكرات بالصواريخ ، وخرج الجنود في أبو زعبل وكسروا السجن وهربوا المساجين وقتلوا ضباط السجن ونزلت الدبابات في الميادين في جسر السويس ورمسيس والقلعة والهليوبليس ، واستمرت المواجهات بين الجيش والأمن المركزي قرابة الأسبوعين، وأقيل بعدها أحمد رشدي وزير الداخلية وعدد من قيادات الداخلية.
المهم أني كنت قد كتبت في صحيفة الحائط بعد أحداث مظاهرات سليمان خاطر بعض ما توقعت حدوثه بالتفصيل، وحين حدثت الأحداث تجمع حولي الأصدقاء وأصروا أني كنت على علم بما سيحدث ، وأنني مشارك في تدبيره، وبصعوبة أقنعتهم أن المقدمات المنطقية تؤدي لنتائج متوقعه، بعدها جاءني من يستدعيني لمقر أمن الدولة ، ووجدت صعوبة كبيرة تركت آثارها بقع زرقاء على ظهري لسنوات حتى أقنعتهم أنها مجرد مصادفة ، أو توقع منطقي لسياق الأحداث. وأن لساني طويل بالفطرة وهذا ما يوقعني دوما في المشاكل.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق