الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

يوميات مشاغب


يوميات مشاغب

السابع من يناير 1986 م  كنت وقتها في بداية السنة النهائية بالجامعة ( كلية الصيدلة جامعة الزقازيق، حين قامت المظاهرات في كل الجامعة بعد مقتل الجندي سليمان خاطر في السجن ، كانت بداية المظاهرات في يوم الثلاثاء نزل فيها حوالي 80000 من طلاب جامعة الزقازيق ، وأهالي الشرقية وطلاب الثانوي والمعاهد الأزهرية، وبدأت صدامات عنيفة مع الشرطة استخدمت فيها القنابل المسيلة للدموع بكثافة، وتعددت حالات الإغماء، وكسرت فيها رجل طالب؛ نتيجة إصابة مباشرة بقنبلة غاز في مفصل الركبة، كنت وقتها عضو في حزب العمل الاشتراكي ، وأعرف الكثيرين من كتاب صحف المعارضة.
وهدأت المظاهرات نسبيا يوم الأربعاء لأن أغلب الكليات أغلقت أبوابها، فسافر الطلاب لبلادهم ، زرت مقر حزب الوفد هناك ومقر حزب الأحرار وحزب العمل ، وأخذت منهم الصور ( لم يكن وقتها أمر التصوير سهل فلم تكن الموبيلات قد وجدت بعد) لهذا كانت عملية التوثيق تحتاج مصورين وكاميرات تقليدية، وأخذت المقالات ونزلت على القاهرة لتوصيلها لصحف المعارضة، وكالعادة لم تكتب أي جريدة قومية أي خبر عن المظاهرات، وصلت القاهرة صباح الخميس فذهبت لجريدة الوفد وقابلني الأستاذ مصطفي شردي واستلم مني الصور والمقال، لكن للأسف كانت وقتها الجريدة تصدر كل خميس وقد تم طبع وتوزيع العدد؛ وهذا يعني أن الخبر سينتظر أسبوعا كاملا حتى ينزل بالعدد القادم، ثم توجهت لصديقي الصحفي محمد الحلواني وكان وقتها يكتب في جريدة الأحرار التابعة لحزب الأحرار، والتي تصدر كل يوم أحد، طبعا كانت الصور معي والمقالات تعد كنزا سمينا له ، فشكرني وأخبرني بأنه سيوصل الصور لجريدة العربي الناصري التي تصدر يوم الإثنين، وجريدة الشعب التابعة لحزب العمل وكانت تصدر كل ثلاثاء، أوكلت له المهمة وأنا على يقين أنه سيفي بما أوكلته له ، ثم تحركت بعدها لمقهى قريب وجهزت نسخ من الأخبار والصور وضعت كل نسخة في ظرف ، وتحركت أولا لجريدة الأهرام، وفي الاستقبال سمع مني الموظف الموضوع، وطلبت أن أقابل الأستاذ أحمد بهاء الدين رحمة الله عليه؛ لكن للأسف أعطاني عامل الاستقبال سماعة التليفون؛ وكان على الطرف الآخر من أخبرني أنه الأستاذ أحمد بهاء الدين وأن الظرف قد وصله لكنه اعتذر لأنهم ممنوعين من الكتابة حول هذا الموضوع. خرجت من الإهرام لجريدة الأخبار وطلبت لقاء الأستاذ مصطفى أمين، وتكرر ما حدث في الأهرام، وكان وقتها الأستاذ مصطفى أمين يشرف على مشروع أسمه صندوق الدنيا على ما أذكر ، يأتية الناس بخطابات فيها مطالب للمحتاجين يستقبلهم قبل مغادرته للجريدة أما باب الجرنال ، ويأخذ منهم الخطابات التي تحوي حاجاتهم وينشرها في الجريدة لتلقي المساعدات من أهل الخير في حل هذه المشكلات، وكنت قد سلمت النسخة الخاصة بالجريدة في الاستقبال، وبقيت معي نسخة كنت أنوي تسليمها لجريدة الجمهورية ، لكني فضلت أن أنتظر في طابور أصحاب المطالب أمام الأخبار حتى نزل الأستاذ مصطفى أمين ، وحين جاء دوري أن أسلمه ما معي من طلب سلمت عليه وقلت له هذا مطلب 80 ألف متظاهر يضربون ويسحلون ليل نهار، هذا مطلب وطن ، أتمنى أن يجد بعض العناية , فربت الرجل العظيم القامة على كتفي أنا الطالب الجامعي النحيف وقال ربنا يعمل ما فيه الخير.
لم تذكر جرائد الجمعة أو السبت القومية أي خبر عن المظاهرات ، ويوم الأحد نظرا لأنه بداية نشر الخبر في جرائد المعارضة ( الأحرار ) ذكرت الأهرام والأخبار والجمهورية خبر قصير مفاده: أن بعض المشاغبين في مدينة الزقازيق نظموا مظاهرات، وكسروا بعض واجهات المحلات ، وأشعلوا بعض الحرائق، مما أضطر قوات الأمن للتصدي لهم، وأننا نحن المشاغبون قد أعتدينا على قوات الأمن المركزي؛ وأصبنا 37 جندي من جنود الأمن بإصابات بعضها خطيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق