واقع مصر قبل الثورة
1
سلسلة مقالات كلام صريح جدا جدا
حازم كيوان
بداية
أحب أن أذكر الجميع أن أعمار الثورات بين خمس لعشر سنوات ، وأن من ظن أن
الثورة هي مجرد تنحي مبارك فهو واهم. فالثورة البلشيفية مثلا استمرت من
1905 حتى 1917 م والثورة الفرنسية استمر حراكها عشرة أعوام ، وثورة 19
استمرت من 1919 وحتى 1924 وثورة 52 بدأت في 52 وحققت أهدافها جزئيا في 58
وأن
ما يحدث في ميادين مصر هو بعض الحراك الثوري الذي ستشهده مصر ، وأتصور أن
أي محلل سياسي لا ينتظهر استقرار الشارع المصري قبل سنوات.
ومن
المنطقي أن نحاول فهم الثورة المصرية باستقراء الواقع المصري بتحليل
السلبيات التي عاشها المجتمع المصري من ناحية ، ومطالب مختلف الفصائل
السياسية ، ومطالب المواطن المصري العادي البسيط، والقوى المؤثرة على
مجريات الأوضاع داخيا وخارجيا .
وعلى هذا الأساس يمكن تخيل حجم الشد والجذب الحادث على الأرض، وتصور إمكانية الوصول لتفاهمات من عدمه على المدى القريب أو البعيد.
تحليل واقع مصر قبل 25 يناير 2010
عاشت
مصر تحت حكم عسكري بشكل أو بآخر، كرس نظام اوتوقراطي ( أي يعتمد فيه
الترقي على الأقدمية وليس الكفاءة) زرع قيادات عسكرية وأمنية في مختلف
مؤسسات الدولة ، كرست بيروقراطية فاسدة .
كما
تميز هذا النظام الفاسد بأسبقية الخيار الأمنى في حل مشاكله مع الجماهير،
مما كرس حالة من الترهل داخل المؤسسة الأمنية ، مع افتقاد الحرفية والمهارة
وذلك لما أتاحته ظروف الدولة الأمنية من تدليل للمؤسسة الأمنية ، انعدام
الرقابة على عناصرها ، وزيادة ارتكان الدولة على ذراعها الأمني البوليسي في
قمع الحراك السياسي بمختلف أشكاله.
اعتمد
نظام مبارك أيضا على آلة أمنية وقضاء غير أمين في تزوير متكرر للإرادة
الشعبية ، مما صنع حالة من الانسداد السياسي التي تمثلت في فقد وسيلة
التغيير السلمي للأوضاع.
اكتملت
منظومة الفساد في دولة مبارك من خلال علاقة زواج غير شرعي بين المال
والسلطة، مع استكمال الديكور الديموقراطي بأحزاب مخترقة وعميلة في أغلبها.
وزادت حدة كل هذه المشكلات في السنوات العشرة الأخيرة من حكم مبارك المخلوع
بهدف تأكيد تمرير التوريث.
وعلى
هذا فبتحليل التركة التي ورثتها الثورة بعد خلع مبارك، نجد أن لدينا مؤسسة
أمنية دللها نظام المخلوع ، ويصعب عليها أن تتعاطي إيجابيا مع التغيير
الثوري، ونجد جيشا متربصا للعودة لسدة الحكم ليحافظ على مكتسبات كاد
التوريث أن ينزعها منه، وجاءت الثورة فطالب باستكمال التحول للدولة
المدنية، وأقصد بالمدنية هنا الدولة التي لا يحكمها الجيش. كما نجد مؤسسة
قضاء تحتاج للتطهير العنيف لما أصابها من عفن في دولة المخلوع، لعل هذا
يفسر عدم رضا الجميع عن تعاطي المؤسسة القضائية مع الحالة الثورية.
رابط المقال في مجلة الرسالة الدولية
رابط المقال في مجلة الرسالة الدولية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق