مصر بعد ثورة يناير
3
سلسلة مقالات كلام صريح جدا جدا
حازم كيوان
ثالثا : التيار الديني : التيار الديني في مصر يعاني من ثلاث أزمات أساسية وهي:
أنه
ليس فصيلا واحدا، ولكنه مزيج يغطي في داخله أقصى اليمين واليمين المعتدل
والوسط واليسار واليسار المتطرف، ,اقصد هنا باليمين ( التمسك الحرفي بالنقل
مع ضعف إعمال فقه الواقع) بينما أقصد باليسار (اعتماد منهج يمكن أن يوصف
بالنزق في التغيير). وهذا التنوع قد سهل على خصوم الفكرة الإسلامية أن
يصنعوا صورة نمطية ( stereo type
) يمكن أن يجتهد الخصوم في جمع ذلات الفصائل مجتمعة لينسجوا صورة وجدانية
نمطية معيبة ومنفره . وهي نقطة ضعف استغلها الإعلام المناوئ بمهارة.
كما
أن التيار الديني عانى على مدار حقبة طويلة من الكبت ؛ تربى فيها كثير من
كوادره في الخفاء أي تحت الأرض بالتعبير السياسي، وهذا النموذج من التربية
يصعب ضبط مخرجاته بالشكل الكامل ، لأن مناخ التربية تحت الأرض لا يسمح
بتداول الأفكار وتصحيحها بشكل صحي.
المشكلة
الثالثة التي أصابت التيار الديني هي المخاوف الموروثة من الإقصاء لو وصل
اليسار أو اليمين للسلطة، فكلا الفصيلين اليسار واليمين كانت له تجارب
إقصائية رسخت مخاوف ليس من السهل تجاهلها .
وأخيرا
عدم وضوح الفكرة ، فبينما تجد البعض يتكلم عن خلافة وخليفة وبيعة بمفهومها
الحرفي ، تجد البعض الأخر يصفها كنموذج قريب من الاتحاد الاوروبي، وقس على
هذا أغلب مفردات الأيدلوجية الإسلامية التي تطرحها الفصائل المنتمية
للإسلام، فهناك إجابات لم ترح المواطن الحائر في الشارع بعد، وهناك قضايا
يمكن أن توصف بالحرجة تحتاج تواصل جماهيري للوصول فيها لشكل رضائي مع
المواطن المصري المتدين بطبعه، والليبرالي بطبعه كما قلت سابقا، - ,اقصد
هنا بمفهومي كمسلم مصري لفكرة الليبرالية ، أنها تساوي في حقوق المواطنة ،
وإعلاء قيمة حقوق الفرد وكرامته واحترامها ، وحرية الاعتقاد ، مع ضرورة
التأكيد على فكرة قبول المرجعية الإسلامية .
التيار
الفلولي : وأقصد به هنا كل عناصر الثورة المضادة التي تسعى لتقليل أو وقف
التغيير الثوري ، وآثاره على مصالحها التي اكتسبتها في دولة الفساد السابق.
لا
نستطيع أن ننكر هذا الفصيل، ولا يسهل تناسي حجم شبكة المصالح التي يوظفها
هذا الفصيل، وأذكر واقعة لا يسهل علي نسيانها ، حين قابلت أحد سائقي الأجرة
يسب الثورة ، وحين سألته قال: الضابط سحب رخصتي عشان ماشي في الممنوع، قبل
الثورة كنت أتصل بفلان باشا ( أحد لواءات الشرطة المحالين للتقاعد ) كان
الضابط يرجعلي الرخصة وفوقها بوسة.
فإذا
ما علمنا أن هذا التيار يتحكم في أغلب الإعلام المصري، وأنه له نفوذ قوي
داخل مؤسسة الشرطة والقضاء ، ,انه يملك المال، وأن لديه وجوه وأسماء مازالت
لها بعض القبول على الأرض، علمنا حجم التحدي الذي يصنعه هذا الكيان من أجل
تشتيت الجهود، وحرف المسار الثوري وإعاقته.
القوى الخامسة : أقباط المهجر وأصحاب فكرة الدولة القبطية، ومعاونيهم من أقباط الداخل، وهنا أحب أن أوضح أمرين في غاية الأهمية .
أن
ساويرس أعلن أنه يتولى نفقات حزب أسامة الغزالي حرب الذي تأسس في 2007
وحاز موافقة كانت نادرة أو مستحيلة وقتها من لجنة الأحزاب في دولة مبارك،
ثم أسس ساويرس بعدها حزب المصريين الأحرار ، ثم أسس تلميذه محمد أو حامد
حزب حياة المصريين ، وأسس مايكل منير حزب هو الأخر. وبالنظر للأيدلوجية
المعلنة لكل هذه الأحزاب لن نجد أن هناك مبرر أو مسوغ لهذا التعدد الغير
منطقي.
وأيضا هناك من يحلم بفكرة تقسيم مصر وهذا معلن على لسان قادة الدولة القبطية ، وبعض من يرى إمكانية تمرير سيناريو تقسيم السودان.
الأمر
الثاني الذي يجب التأكيد عليه ، أن من يريد هذا السيناريو لا يمكن أن
نفترض فيه الوطنية كما أنه لا يمثل نصاري مصر، كما لا تلاقي هذه الفكرة
قبولا من الكثيرين من نصارى مصر ، لكن يجب أن نعي أيضا أن الحشد المسيحي
ليس دائما ما يبنى على خطاب انفصالي صريح ، لكنه في الغالب يعتمد خطاب
تعبوي قائم على فكرة الدفاع عن مصالح النصارى . بينما قد تكون خلف مسارات
الحشد أهداف لا يعلنها القائمين علية ، لكن يمكن تحسسها في الحراك الدائر
على الأرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق