الجمعة، 2 أغسطس 2013

المشكلة المصرية ونظرة تحليلية للواقع ملبس



المشكلة المصرية ونظرة تحليلية للواقع ملبس
حين ننظر للحالة المصرية التي ورثناها في مصر بعد 60عام من فساد الحكم ، ونرى الكم الهائل من الارتباك، والخلل في كل مفردات المشهد المعاش، فلدينا شعب تربى لعقود في ظل غياب وظيفي لوسائل التربية المجتمعية الخمسة الأساسية ( الإعلام ، والمؤسسة الدينية ، والمدرسة ، والأسرة ، والشارع) ، ولدينا إدارة بيروقراطية أوتوقراطية يعتمد الترقي فيها على الأقدمية والولاء وليس النبوغ والمهارة ، ولدينا حالة صحية متهالكة ومؤسسة صحية ضعيفة الأداء، ومؤسسة إعلامية معيبة الأداء ، وأقتصاد منهار، تؤكد على فشله معدلات التضخم والبطالة وأنعدام الشفافية ، ولدينا حالة أمنية مختلة العقيدة ، تبنت مفهوم أن الأمن هو أمن النظام وليس أمن المواطن. ولدينا قضاء معيب ، باختصار لدينا واقع فاسد وملتبس في كل مفرداته باقتدار.
وحين نحاول النظر للمشكلة نجد أمامنا كم هائل من خيوط الصوف متعددة الألوان اشتبكت وتعقدت بشكل يصعب علينا تخيل إعادة هيكلته والاستفادة منه، فهل نقف مكتوفي الأيدي ، ونمارس الإسقاط، ونتبادل التهم؟؟
هذا أسهل الخيارات وأقلها جدوى في ذات الوقت. لكنه خيارا لا يرضيني كمصري يحلم باستعدة مصر على جادة الرقي.
وحين أمعنت النظر وجدت أننا يمكن أن نفصل المشكلة المصرية لثلاث مكونات أساسية ، ( الفساد الإداري – فساد الوعي – الخلل الاقتصادي)
ولكل مشكلة من هذه المشكلات الثلاث دور بشكل أو بآخر فيما نعيشه من خلل اليوم، وعلى هذا فلو تركنا حالة الإلتباس وبدأنا فعليا في التعامل مع هذه المشكلات بشكل متوازي ومتوازن لحلت الأزمة المصرية بشكل ناجز.
فمشكلة الإدارة المصرية هي موروث بيروقراطي أوتوقراطي رسخته مفاهم العسكر الإدارية التى لم يطالها ما طال الإدارة المدنية من تطوير، وللأسف نجد على رأس أغلب المؤسسات في دولة قيادات هبطت عليها من السماء بعد أن أنهت خدمتها في الجيش، تعتمد منهج إداري يتبنى مفاهيم إدارة المؤسسة العسكرية ( الترقي على أساس الأقدمية وليس المهارة – والمركزية في الأداء)
وعلينا إعادة صياغة الهياكل الإدارية على مفاهيم الإدارة الحديثة مثل اللامركزية ، وانتخاب المهارات المبني على المهارة وليس الترقي، وإعمال المنظومات الإدارية ، والتيسير في الإجراءات الورقية ، واختزال تركة القوانين المعيقة ، وإعمال نظم الرقابة والجودة وإدارة العمليات . مع تخليص الجهاز الإداري بالدولة من ترهل التعامل بالمستندات الورقية وتفعيل قواعد بيانات حقيقية ومحدثة مع تفعيل فكرة الشباك الواحد والربط الإلكتروني لمؤسسات الدولة. وهذا أمر غاية في السهولة ويمكن أن يتم إنجازه في شهور، وقد أسعدني تفعيل فكرة المنظومات في حكومة قنديل ، وأعتقد أنها بداية حقيقة لبناء هيكل إداري فعال للدولة ، وأيضا فكرة الشباك الواحد ، والتخلص من القوانين المعيقة ، وأتمنى أن يتطور هذا الأداء على يد من سيأتي بعد قنديل.
أما أزمة الوعي – وأقصد بها منظومة تكوين الفرد، بحث يصبح لدينا المواطن العارف لحقوقه القائم على واجباته، الخالي من آفات تضخم الذات المعيقه للعمل الجماعي، القابل للنقد ، القادر على النقاش.
وهذا في تصوري يحتاج لتفعيل أدوات التربية المجتمعية الخمسة التي سبق وعددتها ، مع إعادة بناء المناهج التعليمية لتكون أكثر تركيزا وتوافقا مع احتياجات سوق العمل ، مع وضوح للأهداف السلوكية في بناء المناهج. ومما أقترحع في هذا المجال، هو فصل المسار الدراسي في الأزهر لمسار شرعي ومسار تجريبي ، مع اختزال المواد الشرعية في المسار التجريبي بهدف التركيز على العلوم التجريبية ، مع صياغة منهج شرعي مركز يهدف لتكوين الطبيب المسلم ، والصيدلي المسلم وهاكذا .
كما أقترح أن يوحد منهج التربية الدينية في التعليم غير الأزهري ، بحيث يكون منهج يمكن تدريسه للمسلم والمسيحي ، وهكذا يسهل أن نوحد فيه الاختبار ، مع إدارج مجموعه للمجموع العام، وأعتقد أن هذه الفكرة سوف تدعم اللحمة الوطنية وتصنع خلفية سلوكية تدعم مساحات الاتفاق ، وهناك من التوافق الكثير الذي يمكن جمعه من الديانة الإسلامية والمسيحية .
أما بالنسبة للإعلام ، فأتصور أننا نمر بأزمة إعلامية حقيقية ، تحتاج تدخل مجتمعي لوضع ميثاق أو كود أخلاقي كما حدث في أمريكا في عام 47م يحفظ حقوق المجتمع، ويؤكد على دور الإعلام في إتاحة المعلومة بمصداقية تؤهل المتلقي لتكوين أراء مبنية على حقائق، وأتصور أننا بعد ثورة يناير عانينا من حجم التشوية الفكري من هذا الإعلام المفتقد للمهنية.
أما مشكلة الاقتصاد، فهي في تصوري أسهل المشاكل ، وأعتقد أيضا أن حكومة قنديل قطعت شوطا كبيرا فيها ، وأتمنى أن لا يتعجل القادم الجديد في الهدم ، لكن عليهم الحفاظ على المسار مع تعديل ما يرونه لكن بلا هدم، فالمشكلة المصرية يسهل حلها اقتصاديا بجذب الاستثمارت الخارجية للصناعات كثيفة العمالة ، وتفعيل مشروع تنمية قناة السويس الذي يعطي مصر مزية تنافسية لجذب هذه الاستثمارات الخارجية بسهولة ، وهذا سيوفر فرص عمل ، وسيكون له دور في خلق مناخ تنافس في القطاع الخاص سينعكس إيجابيا على مرتبات هذا القطاع، كما سوف يقلص الفجوة في ميزان التبادل التجاري الدولي بما يقلل من الاحتياج للعملة الصعبة , وسوف يسهم في زيادة معدل النمو الاقتصادي ، ويزيد الدخل القومي ، وكل هذا سينعكس إيجابيا على الميزانية العامة للدولة ، بما يمكن من زيادة الميزانية سنويا ويسمح بزيادة مخصصات الوزارات المختلفة و يضمن تحسن الأداء الحكومي ، ويسمح بزيادة المرتبات وسداد الديون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق