الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

في المقهى


في المقهى

تساءل أكبرنا عمرا في هم واضح، ونبرة مكدودة وقال: هل لدي أحدكم تفسير لما يحدث في محمد محمود، أريحوني فأنا أكاد أنفجر غيظا من مسلك الثوار المنفلت ، وأبكي دما على دماء تضيع من أبناء الوطن سواء من الشباب أو الشرطة ، وهل نعامل شرطة مصر وكأنها جنود احتلال، أنا لم أعد أصدق في أكذوبة الطرف الثالث، التابع يتبع المتبوع ، فلو أنك تسير ومعك كلب في الطريق، لو عقرني كلبك سوف يحاسبك القانون.
فذكرته أن في ذروة مناخ الاستقطاب الذي واكب الانتخابات البرلمانية السابقة، سمعت وائل غنيم في أول لقاء لحركة مصرنا يقول، هناك من يحاول شيطنة الثورة والثوار، ليفقدهما الألق لدي الناس، ويفقدا المصداقية ، وهذا يؤدي لكفر الناس بالثورة؛ فيعطي فرصه للثورة المضادة لحشد مؤيدين قد يمكنوها من صياغة النظام القديم ، وكانت دعوة حركة مصرنا وقتها تدور حول دعوة الجميع لاستعادة الشكل الحضاري للفعاليات الثورية ، مع محاربة الخطاب الاستقطابي ، وخلق فعاليات حضارية تستوعب طاقة التعبير، والتغيير لدي الشباب.
كما ذكرته بأن الثورة واجهت تنين الثورة المضادة مرارا ، وفي كل مرة تخرج الثورة منتصرة بعد أن تسقط رأسا من رؤوس التنين ، وأن هذه الأزمات كانت عادة ما يصحبها احتراق أوراق حسبت وقتها في الصفوف الثوار، وظهر أنها أشد فلولية من الفلول فيما بعد، ونحن الأن نرى الفلول يعيدوا الكرة ، مستغلين حالة الاستقطاب، بل ويشعلون هذه الحالة، ويصبون البنزين على النار ، وهم يجمعون صفوفهم ، ويحشدون بقيادة مناصب قانونية لمحاولة إعداد لهجوم جديد، يجب أولا أن يشيطنوا الثورة ، وليزيد عدد الكافرين بها ، مع تفتيت جهد الثوار بشغلهم بحروب بينية تستهلك قوتهم فيما بينهم.
وهنا رد شاب كان علي الجانب الأخر من الجلسة، بحدة تشي بحماس الشباب، واندفاعه العفوي، وقال : هل نسينا أن الإخوان خطفوا الثورة ، وأنهم يوزعون الغاز الآن بالكوبونات في مقارات أحزابهم ، وأن أداءهم لا يمت للثورية في شيء.
فرد عليه الرجل الجالس بجانبه وهو يضع ذراعه حول كتفه وكأنه يحتوية ، وقال : أي خطاب يصب في مسار الاستقطاب غير مرغوب، كنا ننادي في الميدان- الشعب يريد، والشعب خط أحمر، وأيد واحدة، وعيش حرية عدالة اجتماعية-  هذه شعارات الثورة التي صنعت حشد، وصنعت أيدلوجية الميدان العابرة للأيدلوجيات، وأتصور أن كلمة الشعب يريد تعني ضرورة الانتصار للإرادة الشعبية الممثلة في الصناديق، والشعب خط أحمر تعلي قيمة الكرامة الإنسانية ، والكرامة الإنسانية لكي تتحقق يجب أن نمتنع جميعا عن التفكير في إقصاء فصيل ما ، لأن هذا الإبعاد سوف يفتح باب تجاوزات الأمن، وتزوير الانتخابات، وهي الأفات التي صاغت فساد النظام الفاسد السابق، أيد واحدة دعوة للتوحد على المتفق عليه، وهو المصلحة الوطنية ، وحين نحقق ما سبق سوف يأتي العيش والحرية والعدالة الإنسانية.
وهنا قال أكثرنا قربا من دوائر صناعة الأحداث: يجب أن نرى الصورة بشكل أكثر قربا، دائما في الحالات التي تحدث فيها أعمال عنف في الميادين ، يكون هناك فريقين بينهم استقطاب حاد، وعادة ما يندس بعض المأجورين لصالح الثورة المضادة في كلا الفريقين، ويجتهدوا في تقريب خطوط التماس، وعندها يكفي حجرا واحدا لينطلق من هنا أو هناك لتدور رحا المعارك، واستشهد بوقائع حدثت يوم جمعة الحساب، وذكر أنه تم القبض على بلطجية اعترفوا أن بعض قيادات الداخلية سلموهم أمولا، وطلبوا منهم الاندساس في صفوف الإخوان، وأخرين ليندسوا في صفوف التيار الشعبي، وأن هذه الاعترافات موثقة بمقاطع فيديو، وأن ما أشعل صدامات محمد محمود هذه الأيام هم مجموعات اندست في صفوف الشباب دعت لتقريب خطوط التماس، وأن بعضهم اعتلى مباني مجاورة، وألقى حجارة على الشرطة والمتظاهرين معا، ثم بعد أن بدأت المواجهات اختفوا. ثم عاد وأكد أن الأزمة خلفها بعض من لا يريدون النجاح للثورة، ويتواطئ معهم بعض قادة أمن الدولة السابق، وبعض رموز الثورة المضادة، واستشهد بوقائع كثيرة مثل أحداث عين شمس بين أنصار أبو اسماعيل والجيش ، وأحداث السفارة اليهودية ، وحتى موقعة الجمل، وقال كل هذه الأحداث قبض فيها على بلطجية أظهرتهم الفيديوهات ، ولكن لم نسمع عن تحقيقات جادة، أو وقائع تم حل لغزها، وهذا دليل تواطئ الداخلية أو على الأقل من يحمون الفساد فيها. كما ذكر واقعة حدثت في بدايات الثورة، حين علمت الشرطة بأن بعض عناصر السلطة في نظام المخلوع ، اجتمعوا مع أحد أبنائه، مع بعض أصحاب رؤوس الأموال، مع عدد من قيادات أمنية سابقة، مع 19 أمين شرطة، وتم ترتيب فعاليات الثورة المضادة وقتها، مع وضع ميزانية وصلت لثلاث ملاين جنية ، وهذا الاجتماع قد كشف وحقق فيه لكن لم نعد نسمع عنه شيء، وأن هذا يفسر الطرف الثالث الذي لو فقدنا الثقة فيه لشككنا في أنفسنا.
وهنا قال أحدنا أولا هم يكيدون؛ لكن النظام القديم جمع حوله الأغبياء؛ فدائما ما تفشل المكائد وترتد في أعتاقهم، وذكرنا بواقعة دعوة 24/8 للتظاهر وكيف فشلت وكيف ارتدت عليهم؛ بحل المجلس العسكري، والإقالات والتغيير في قيادات الجيش والمخابرات، وغلق الفراعين، وفتح ملفات فساد الممولين. وذكرنا بأن حالة الغبش في الرؤية، تسببت فيها بعض الأسماء التي حسبت على الثورة مثل ممدوح حمزة ومحمد أبو حامد، واستشهد بواقعة الخرطوشة التي رفعها أبو حامد في البرلمان، والتي شككت الإخوان في موقف المتظاهرين في محمد محمود، وجعلت دعم الإخوان يغيب عنهم، وهذا أوغر صدور شباب محمد محمود وقتها، وتسبب في انشقاق الصفوف، وتساءل هل ترى رفع الخرطوش الذي لم تضرب بعد، هل كان صدفة؟ أم مكيدة مدبرة لشق الصفوف؟ وأكد ضرورة مراجعة أفكارنا بهذا المنطق؛ للتخلص من غبش المشهد بعد أنقشاع الدخان، لإعادة صياغة مواقفنا لتكون أكثر انحيازا للثورة وأهدافها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق